مرحبا
كيفكن
أحببت أن أشارككم بقصتي المتواضعة
أتمنى أن تحوز على إعجابكم
جدارالواقع
ألقت بالحصى الصغيرة في البحر
فتعكر صفوه الهادئ وهي تصرخ: أحبه، أحبه من الأعماق لا أستطيع نسيانه ما الذي يجب
علي فعله أخبريني يا سناء ؟؟؟
ابتسمت سناء وهي تمسك يد وجدان
بحنان ثم قالت: ولكن هذا حرام يا عزيزتي، أنا أفهم مشاعرك ولكن..
قاطعتها وجدان وهي تبكي: هو من
فسح أمامي المجال، ما كنت لأحبه هذا الحب..
لم تستطع مواصلة كلامها بسبب
بكائها فأردفت سناء قائلة: ولكنك لم تخبريني قصتك معه من بدايتها ؟؟؟
صمتت وجدان هنيهة ثم أردفت
تقول: كنت أتحدث معه عن طريق الماسنجر والرسائل عبر الإميل، كان صادقا معي شعرت
بالميل إليه على الرغم من معرفتي بأن له زوجة، في بادئ الأمر لم أكن أحدثه بحبي
له، بل كنت أعده بمثابة الأخ العزيز والقريب إلى قلبي ، وكنت أحسب ألف حساب قبل أن
أكتب إليه الرسالة و أرسلها، ولكنه عندما قال لي بأنه لا يحب هذا الجفاء مني أصبحت
قريبة منه أكثر من السابق.
تنهدت وكأن جبل من الهموم يجثم
على قلبها فأشارت لها سناء بأن تواصل حديثها، فاسترسلت قائلة: أنت تعلمين ما
أعانيه في منزلي من مشاكل وأشعر بالحزن والأسى لأني أفتقد الحب والرعاية من والدي
وفي بعض الأحيان عدم الاهتمام من أخوتي، كل ذلك جعلني أشعر بالنقص، ولكن عندما
تعرفت على نادر منحني الحب والاهتمام، كلماته، أحاديثه، ضحكاته ما زالت ترن في
أذني وكأنه للتو قد حدثني، عوضني عما كنت قد افتقدته في أسرتي.
تفآجأت سناء وعلامات الاستغراب
و التعجب ما زالت مرتسمة على وجهها: ضحكاته؟؟؟!!، وهل كنت تلتقين به، أنت من أسرة
محافظة ماذا لو رآك أحد يا وجدان، ألا تفكرين في عواقب الأمور؟؟
فأجابتها وجدان غاضبة: أنا لم
أرَه إلا مرة واحدة ولم أبادله الحديث حينها كنت فقط أريد أن أهديه شيئا يتذكرني
به، ثم انه يحبني كأخت عزيزة وهو لم يوافق على لقائي إلا تحت إصرار وإلحاح مني،
ولكن .. ولكن..
سناء: ولكن ماذا؟
وجدان: إني أتواصل معه عن طريق
الهاتف، كنت كلما أشعر بالضيق أهاتفه لأبث له همومي وآلامي وهو يصغي إليَ دون تذمر
ثم يخفف عني بصوته الهادئ وحديثه الرائع ويذكرني بوجود الله معي وإن الله إذا أحب
عبداً ابتلاه وعليَ بالصبر، كان يخفف عني في الوقت الذي كان يشعر فيه هو الآخر
بالضيق، إنه إنسان يندر وجوده في مثل هذه الأيام، يوما بعد يوم يزداد حبي له
وتعلقي به، فصرَحت له بأني أحبه من أعماق قلبي، لا أعلم كيف امتلكت هذه الجرأة
وكيف نطقت بهذه الكلمات ، لم أكن أعي ما أقول خرجت مني هذي الكلمات رغما عني،
فاعتذرت إليه من فوري ولكنه طيب للغاية لم يحملني محمل سوء على الإطلاق،
آآآآآآآآآآآآآآآآه تجر معها الكثير من الأشواق إلى نادر.
سناء: لا أعلم ما الذي أقوله لك
حديثك عنه عقد لساني، أكملي ماذا حدث بعد ذلك؟
وجدان: طلب مني، بل لم يطلب
ولكني فهمت من تلميحاته بأن ما نفعله لا يرضي الله وهو يضرني لأني ما زلت شابة ولا
يجب أن أتعلق به أكثر من ذلك، إنه يُقدر مشاعري ولكن ماذا عساه أن يفعل، بعدها
أصبح يتكلم معي ببرود ليس كالسابق، لفتني غمامة من الحزن والأسى كانت تعتصر قلبي،
إلى أن صرَح لي بأنه يشعر بالذنب عندما يتكلم معي وأنه يظلم زوجته ولذلك سوف يقطع
هذه العلاقة، أجهشت بالبكاء لم أتحمل وقع الصدمة، لماذا جعلني أتعلق به إذن!
ليتركني فجأة، حاولت نسيانه ولكن لم أستطع، أشعر بأنه الهواء الذي أتنفسه والنور
الذي يضيء دربي بشعاع من الأمل، كل هذا يذهب في لمح البصر. لم تستطع وجدان إكمال
حديثها فقد شعرت بغصةٍ تمنعها من مواصلة الكلام واغرورقت عينيها بالدموع لتنهمر
على وجنتيها فتحفر فيهما آلام ولوعة الفراق، وهي تنظر إلى البحر الذي كان
يصغي إلى معاناتها فلم يحتمل فأخذت أمواجه تتلاطم بغضب.
هدأت سناء من روع وجدان وقالت
لها: عزيزتي حقيقة لا أعلم من هو المخطئ منكما، يعز عليَ أن أراك حزينة باكية
العين محطمة الفؤاد.
فصرخت وجدان وهي تقذف بالحجارة
الصغيرة لترتطم بأمواج البحر الهائجة الذي يعكس نفسيتها: أنا المخطئة، أنا
المخطئة، ما كان علي أن أعلق قلبي بشخص وأحبه كل هذا الحب على الرغم من معرفتي بأنه
مرتبط بزوجة تحبه ويحبها، ولكنه رجل حنون، ملتزم، طيب، جوهرة غالية، حقيقة أحسد
زوجته لأنها تمتلك هذه الجوهرة.
ضحكت سناء ملء فمها وهي تقول:
ملتزم، لو كان ملتزما لما تحدث مع فتاة أخرى غير زوجته.
فصوبت وجدان نظرات قاسية تحمل
فيها اللوم إلى صديقتها، فتداركت سناء الموقف وقالت: اعذريني يا وجدان، لم أتمالك
نفسي ولكن ألا تجدين كلامي صحيحا؟؟!
ابتسمت وجدان ابتسامة صفراء وهي
تجيب سناء: كلا، أنت مخطئة لا تقسين عليه بكلامك لأنه طلب مني أكثر من مرة أن
أتركه ولكني كنت متعلقة به فلم أستطع فعل ذلك، شعرت بأني أثقلت عليه كثيرا ولذلك
فكرت طويلا وقررت بإنهاء علاقتي به وأن أكف عن إرسال الرسائل إليه، خصوصا بعد أن
أنجبت له زوجته ولدهما الأول، هذا البرعم الذي سيزين منزلهم ببكائه وضحكاته.
تأملت سناء وجه وجدان بعطف
وقالت: هل كنت مقتنعة عندما اتخذت هذا القرار؟؟!
أطرقت وجدان برأسها ثم أجابت
بثقة: نعم كنت مقتنعة بقراري، أتعلمين لماذا، لأني أحبه، أحبه كثيرا ولذلك لا أريد
أن أٌنغص عليه حياته وأن أسبب له الكثير من المشاكل خصوصا بعد مجيء هذا البرعم
الجميل.
سناء: إذاً لماذا أنت حزينة
هكذا؟، لم يجبرك أحد على اتخاذ هذا القرار.
صمتت وجدان برهة ثم أجابت: لأنه
ما زال في ذاكرتي، حاولت أن أشغل نفسي بأشياء كثيرة لنسيانه ولكن لم أستطع وفي
الوقت نفسه شعرت أن من واجبي قطع هذه العلاقة.
تنهدتْ بعمق، شعرت بأن كل قطعة
من كيانها تريد أن تسبح و أن تقاوم هذه الأمواج التي تتلاطم في وجدانها، ثم وجهت
سؤالاً إلى سناء: ماذا تتوقعين رده عندما أطلعته على قراري هذا؟
أجابتها سناء بلهفة: ماذا كان
جوابه؟؟
فأردفت وجدان قائلةً: لقد قال
لي بصوته الدافئ الذي يتسلل إلى قلبي دون أن أستطيع مقاومته أو منعه، أحسنت
الاختيار يا وجدان وقرارك هذا جعلني أعجب بشخصيتك أكثر فهذا يدل على حسن أخلاقك
وتربيتك، لا تحزني فأنت لست وحيدة إن الله سبحانه بجانبك ومعك فإن اتجهت إليه لن
تشعري بالوحدة أبداً وسينبض قلبك بالحب والسكينة والاطمئنان، كوني قريبة من الله
تعالى إنه أفضل مؤنس إلى الإنسان، بينما كان يحدثني كنت غارقة في دموعي فصاح بي لا
تبكي ولم البكاء!، إنك بقرارك هذا أثبت بأنك بنت واعية تدرك ماهية الأمور، اعتني
بنفسك وأعتذر لك عن كل ما بذر مني، فقلت له أنا من يجب أن أعتذر إليك لأني سببت لك
الإزعاج بما فيه الكفاية، فرد عليَ: لا تقولي مثل هذا الكلام فأنت أخت عزيزة،
وأنهيت المكالمة.
أمسكت سناء بيد وجدان وضمتها
بين يديها وهي تقول لها بحنان: حبيبتي وجدان أنت صديقتي العزيزة وروحي الثانية
وأريد منك أن تتقبلي رأي بصراحة لأن المثل يقول صديقك من صدقك وليس من صدَقك.
فأجابتها وجدان: وأنا على أهبة
الاستعداد لتقبل ما سوف تقولينه فأنت صندوق أسراري وبلسم جراحي وإن لم أصغِ إليك
فلمن سأصغي.
اطمأنت سناء لحديث وجدان فواصلت
حديثها: أنت ونادر كلاكما أخطأ، فلو لم تخالفي مبادئك وامتنعت عن الكلام معه منذ
البداية لما حدث ما حدث وهو الآخر لو لم يفسح لك المجال لتحبينه وتتعلقين به هكذا
لما تعذبتي الآن نتيجةً لفراقه، إن لكل منا هفواته وأخطائه، ليس من الواجب أن نجلس
نندب حضنا ونعاقب أنفسنا بلومها على الدوام فعلينا لأنفسنا حقاً، بل يجب علينا أن
نتعلم من أخطائنا وان لا نكررها وإن الله غفور رحيم ، ربما تعلقك الزائد بنادر لم
يكن حبا كما تظنين ولكن لأنك وجدت في هذا الشخص ما تفتقدينه في منزلك من حنان وعطف
وتفاهم، هذا الذي جعلك تتعلقين به، وهو الآخر ربما الذي جعله يكلمك هو معاناتك و
آلامك في المنزل فأراد أن يخفف عنك لأنه لم يستطع أن يراك هكذا ولا يمد لك يد
المساعدة.
شعرت وجدان بقليل من الراحة
فقالت: ولكن هل بإمكاني نسيانه، إن لم أكلمه فصورته مرسومة في مخيلتي و أحاديثه ما
زالت في ذاكرتي ، طيبته وحنيته وكل شي محفور في قلبي.
ابتسمت سناء وبلطف أجابت: يمكنك
ذلك، فما أن ترتبطي بزوج صالح ستشعر نفسك بالطمأنينة والراحة لأنها تسكن إلى شخص
ضمن ما أحله الله تعالى وسيملأ ذلك الفراغ العاطفي الذي في قلبك وستنسي كل همومك
معه.
ابتسمت وجدان ابتسامة تشع ببصيص
من الأمل والنور الذي أوقدته فيها صديقتها سناء، ثم قالت: أتمنى ذلك ولكن لن أنسى
فضل نادر عليَ ما حييت، وسأظل أدعو له على الدوام.
فأمسكت سناء بوجنتي وجدان وهي
تضحك: يا شقية .
بعدها وقفتا لتجريان على شاطئ
البحر ونسيمه يدغدغ وجنتيهما الناعمتين، وقد كانت سناء تحدث نفسها: لا أعلم إن كنت
قد استطعت أن اخفف عنها آلامها ، أتمنى لك يا عزيزتي حياة سعيدة تعوضك عن كل
معاناتك و آلامك هذه.
ولكن وجدان قطعت عليها تفكيرها
وهي تناديها: ما بك واقفة هناك؟، تعاليَ هنا نبني قصر أحلامنا من رمال الشاطئ
الذهبية.
فأومأت لها سناء بالإيجاب وهي
تشير: أنظري إلى خيوط الشمس الذهبية وهي تختفي وراء الأفق فتنعكس حمرتها على البحر
ليصبح كالمرآة التي تعكس صورنا بشكل برَاق ورائع، ربما هدأ البحر عندما شعر بسكون
قلبك.
ضحكت وجدان كثيرا وهي تنظر إلى
غروب الشمس متمنية مستقبل زاهر و أن تنطوي هذه الأيام وينكشف لها المستقبل
المجهول.